Abstract:
إن حقوق الإنسان صارت مسألةً مهمة في الأوساط الدولية، وهي الشغل الشاغل لكل المهتمين والفقهاء والقانونيين، والحفاظ على كرامة الإنسان من أهمّ ما تدعو له المواثيق الدولية المختلفة.
وقد شكّل وجود المحكمة الجنائية الدولية وسيلةً لمعاقبة كل من يعتدي على حقوق الإنسان ويخرق القانون الدولي الإنساني، ولكن حتى الأشخاص الذين يتم اتهامهم بأنهم خرقوا هذا القانون الدولي لا بدّ أن ينالوا حقوقهم كاملةً غير منقوصة، فإن الحفاظ على البشرية وردع من ينتهكون حقوق الإنسان لا يعني أن تُنتهَك حقوق هؤلاء المتهمين بهذه الأفعال.
حول هذه المحاور كانت تدور دراسة البحث الذي قام بدراسة كفالة الحق في الدفاع أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث تحدث الفصل الأول عن ماهية كفالة الحق في الدفاع أمام المحكمة الجنائية الدولية، المواثيق الدولية ذات الصلة بحق الدفاع، فكرة حق الدفاع في الشريعة الإسلامية، أهمية حق الدفاع وجزاء الإخلال به، والمحكمة الجنائية الدولية ما بين التأييد والرفض، أما الفصل الثاني فقد تحدث عن التطور التاريخي للقضاء الجزائي الدولي ومقارنة المحكمة بسابقاتها من المحاكم، أجهزة المحكمة الجنائية الدولية، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، مبادئ المسؤولية الجنائية أمام المحكمة، الجنائية الدولية (حالة دارفور)، ومبدأ التكامل لدى المحكمة الجنائية الدولية، أما الفصل الثالث فقد تحدث عن إجراءات القبض وحقوق المتهم، إجراءات التحقيق وحقوق المتهم، إجراءات المحاكمة وحقوق المتهم، إجراءات نظر الدعوى ومشاركة الضحايا جبر أضرارهم، ومعايير المحاكمات العادلة في القانون والشريعة الإسلامية.
يبقى حق الدفاع عن المتهم من الحقوق الأصيلة للإنسان النابعة من حق الإنسان عموماً في الدفاع عن نفسه، وتبقى المحكمة الجنائية الدولية خطوة كبيرة في طريق تحقيق العدل الدولي والمحافظة على الأمن الدولي عبر ردع المجرمين، وذلك رغم المخاوف والهواجس التي تنتاب الكثيرين من أن هذه المحكمة قد تكون جهازاً هيكلياً غير ذي فائدة ولا فاعلية، ومن ينظرون لهذه المحكمة بهذه النظرة لا بد أنهم ينظرون من منظار التشاؤم، أما إذا تمّ النظر من خلال المنظار التفاؤلي، فلا بد أنهم سيدركون أن هذه المحكمة ستكون الأمل المرتجى لتحقيق العدالة الدولية في المجال الجنائي.
وفي ختام هذا البحث، فقد خلُصتُ إلى النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً: نتائج البحث
1. حق الدفاع عن المتهم حق أصيل مكفول له بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهو حق متولّد عن حق الدفاع عن النفس.
2. النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يسعى لتحقيق العدالة على المستوى الدولي، لذلك حرص على ضمان حق المتهم في أن يدافع عن نفسه.
3. الدوائر والأجهزة التي تتكوّن منها المحكمة الجنائية الدولية تعمل في تناغمٍ وتناسق لتحقيق الغرض المناط بها وهو تحقيق العدالة.
4. معظم الدساتير والقوانين الإجرائية في الدول تنص على كفالة حقّ الدفاع للمتهم.
5. العلاقة بين المدافع والمتهم هي علاقة خدمة عامة هي المساهمة في أداء العدالة، ووجود المدافع أمام المحكمة يسهِّل من مهمة القاضي.
6. إن مشكلة دارفور تمّ استغلالها أوسع استغلال من قِبَل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مما أحدث زوبعة جنائية دولية لا أساس لها من الصحة القانونية.
ثانياً: توصيات البحث
1. نشر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أوسع نطاق والتبشير به وتناوله بالشرح والتحليل من قِبَل فقهاء القانون الدولي والمختصين في القوانين الإجرائية.
2. على الحكومات الوطنية مساعدة المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة ورقابتها في مجال تطبيق القواعد الإجرائية على المتهمين.
3. أن يقوم جهاز نقابي أو استشاري دولي يضم عدداً من الكفاءات القانونية العالمية يكون مستعداً للدفاع عن المتهمين أمام المحكمة الجنائية الدولية الذين لا يستطيعون التكفّل بنفقات الدفاع عن أنفسهم وطلب المساعدة القانونية.
4. استجلاب مراجع وكتب تتناول النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عموماً وحق الدفاع أمامها بصفةٍ خاصة.
5. تدريس النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في كليات القانون بالجامعات السودانية.
6. ضرورة تعاون الحكومات الوطنية مع أجهزة المحكمة الجنائية الدولية، خاصةً في مراحل القبض على المتهم وترحيله إلى مقر المحكمة.
7. يجب الاهتمام بثقافة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتشجيع البحث العلمي والدراسات المقارنة في هذا المجال خاصةً لأعضاء السلطة القضائية (ذوي الاهتمام والاختصاص).